هذه الاتفاقيات تشمل عدة جوانب، مثل تحديد السرية، والجداول الزمنية، وآليات حل النزاعات المحتملة. فعلى سبيل المثال، إذا اتفق الطرفان على سرية المعلومات المتبادلة، يصبح كل منهما ملزماً قانونياً بعدم كشف هذه المعلومات لأطراف ثالثة. هذا التطور يساهم بشكل كبير في بناء الثقة بين الأطراف ويضمن أن المفاوضات تتم في إطار من النزاهة والشفافية.
الوعد بالتعاقد هو أحد التطورات البارزة التي استحدثها نظام المعاملات المدنية. تنص المادة 25 على أن الوعد بالتعاقد يصبح ملزمًا للطرف الذي أصدره إذا قبل الطرف الآخر الوعد خلال المدة المحددة فيه. هذا يعني أن الطرف الذي يتلقى الوعد يمكنه الاعتماد على هذا الالتزام كمصدر للأمان القانوني خلال عملية التفاوض.
على سبيل المثال، إذا وعد أحد الأطراف بتوريد بضاعة معينة بسعر محدد في المستقبل، يمكن للطرف الآخر التخطيط بناءً على هذا الوعد. إذا قرر الطرف الذي قدم الوعد العدول عنه بعد قبول الطرف الآخر، فإنه يكون مسؤولاً عن تعويض الأضرار الناجمة عن هذا العدول. هذه القاعدة تعزز من جدية التفاوض وتقلل من المخاطر المحتملة.
هذا النص يضمن استقرار المفاوضات ويحمي الطرف الذي يعتمد على الإيجاب في اتخاذ قراراته. على سبيل المثال، إذا قدم أحد الأطراف عرضًا للبيع بشروط معينة وتكبد الطرف الآخر تكاليف بناءً على هذا العرض، فإن العدول عن الإيجاب يمكن أن يؤدي إلى تعويضات للطرف المتضرر. هذه الحماية القانونية تقلل من التصرفات غير المسؤولة وتعزز من استقرار العلاقات التعاقدية.
التفاوض بسوء نية يعد من السلوكيات غير المقبولة في إطار نظام المعاملات المدنية. تنص المادة 35 على أن أي طرف يتبين أنه تفاوض بسوء نية، يلزم بتعويض الطرف الآخر عن الأضرار الناتجة عن هذا السلوك. يشمل التفاوض بسوء نية تصرفات مثل تقديم معلومات مغلوطة، أو محاولة تغيير الشروط المتفق عليها بشكل غير عادل، أو استخدام أساليب ضغط غير مشروعة.
يشكّل نظام المعاملات المدنية الجديد في المملكة العربية السعودية خطوة مهمة نحو تنظيم المفاوضات ما قبل التعاقد بشكل يعزز الشفافية والمصداقية. من خلال القواعد التي تم استعراضها، يتضح أن المشرع السعودي يسعى إلى ضمان حماية الأطراف المتفاوضة من الممارسات غير العادلة وتعزيز الالتزامات القانونية بينهما. سواءً من خلال تنظيم الاتفاقيات التمهيدية، أو تعزيز الالتزام بالوعد بالتعاقد، أو الحماية من العدول غير المبرر عن الإيجاب، فإن هذا النظام يعزز من استقرار العملية التفاوضية ويحد من النزاعات المحتملة. هذه التطورات تمثل نقلة نوعية في كيفية التعامل مع المفاوضات ما قبل التعاقد وتضع الأسس اللازمة لضمان حقوق جميع الأطراف.