مكتب حازم المدني محامون و مستشارون قانونيون
الميثاق الإسترشادي للشركات السعودية العائلية: دليل للنجاح والاستدامة
وفي هذا المقال، سنساعدك في إعداد ميثاق شركتك العائلية وفقًا لهذا الميثاق الإسترشادي، مع تقديم إرشادات عملية لضمان توافقه مع احتياجاتك الخاصة، بما يعزز نجاح شركتك على المدى الطويل.
أولًا: ما هو الميثاق الإسترشادي للشركات العائلية؟ وما هي أهميته؟
في ظل رؤية 2030، تبرز الحاجة إلى تنظيم الشركات العائلية عبر آليات مستدامة وحوكمة فعالة. ومن أبرز فوائد الميثاق:
1. تعزيز الحوكمة: يحدد مسؤوليات الأطراف المختلفة، مما يقلل من التوترات ويعزز الشفافية.
2. استدامة الأعمال: يسهم في الانتقال السلس للإدارة بين الأجيال.
3. تنظيم العلاقات العائلية: يضع حدودًا واضحة بين الشؤون العائلية والأعمال التجارية.
4. التوافق مع التشريعات: يضمن امتثال الشركات لأنظمة الحوكمة السعودية.
ثانيًا: هيكل وعناصر الميثاق الإسترشادي
يُشجع نظام الشركات الجديد (1444هـ) على إعداد مثل هذه الوثيقة لضمان استقرار الشركة وتنظيم انتقال الملكية والإدارة بين الأجيال. ويحتوي النموذج الاسترشادي على 11 بند لتنظيم ما يلي:
1. القيم والأهداف العائلية:
هذا البند خاص بإلقاء الضوء على تحديد رؤية العائلة والأهداف الاستراتيجية التي تعمل على تحقيقها من خلال هذا الكيان. والهدف من ذلك هو تعزيز التعاون السليم بين مصالح العائلة والشركة وضمان عدم حدوث أي تعارض بينهما.
2. هيكل الحوكمة:
يتم التركيز على كل من مجلس العائلة ومجلس الإدارة، والجمعيات العامة للمساهمين.
أ) فبالنسبة لمجلس العائلة:
مجلس العائلة هو كيان تنظيمي داخلي يتم إنشاؤه في الشركات العائلية، يهدف إلى تعزيز التواصل بين أفراد العائلة، وتنظيم العلاقة بينهم وبين الشركة، واتخاذ القرارات الاستراتيجية ذات الصلة بالملكية العائلية. يُعتبر مجلس العائلة أحد الآليات الهامة لتعزيز الحوكمة في الشركات العائلية، وضمان استدامتها عبر الأجيال.
ويتألف المجلس من عدد محدد من أفراد العائلة يتم اختيارهم وفق معايير متفق عليها مسبقًا، مع ضرورة مراعاة تمثيل الأجيال المختلفة لضمان استمرارية الشركة عبر الأجيال. هذا التنوع في التشكيل يتيح تمثيلًا عادلًا وتفاعلًا بين الخبرات القديمة والطموحات الجديدة.
يعقد مجلس العائلة اجتماعات دورية لضمان التواصل الفعّال والتناغم بين أعضائه، ويوصى بعقد أربعة اجتماعات على الأقل خلال العام المالي الواحد. كما يتوجب عقد اجتماع خاص قبل أي اجتماع للجمعية العامة، سواء كانت عادية أو غير عادية، لضمان توافق القرارات مع أهداف العائلة ومصالح الشركة.
ويختص مجلس العائلة بالمهام التالية:
• مراقبة أداء مجلس الإدارة: يُشرف المجلس على أداء مجلس إدارة الشركة، ويُبدي رأيه في المرشحين لعضوية المجلس، مع ضمان سرية المعلومات وعدم إفشاء أسرار الشركة.
• حل النزاعات: يسعى المجلس إلى تسوية أي خلافات عائلية قد تؤثر على أعمال الشركة، من خلال آليات مثل التشاور السري أو تشكيل هيئات توفيقية.
• اقتراح التعديلات: يُقدم المجلس مقترحات لتعديل النظام الأساسي للشركة بما يحقق مصالح العائلة والشركة على حد سواء.
لضمان استقلالية القرارات وتجنب تضارب المصالح، يُشترط ألا يجمع عضو مجلس العائلة بين عضويته في المجلس وعضوية مجلس الإدارة أو الفريق التنفيذي للشركة.
تُحدد مدة دورة مجلس العائلة بثلاث سنوات، ولا يُسمح لعضو العائلة بشغل عضوية المجلس لأكثر من دورتين متتاليتين، مما يعزز التجديد وضخ دماء جديدة في القيادة.
يتكامل عمل مجلس العائلة مع الجمعية العامة للمساهمين، حيث يُنسق معها في القضايا الاستراتيجية مثل زيادة أو تخفيض رأس المال، واستمرارية الشركة أو حلها، أو دمجها مع شركات أخرى.
3. سياسات انتقال الملكية والإدارة
تلعب سياسات انتقال الملكية والإدارة دورًا أساسيًا في ضمان استمرارية الشركات العائلية عبر الأجيال. ولتحقيق ذلك، يتم وضع خطط انتقال واضحة تضمن نقل المسؤوليات الإدارية والملكية بطريقة سلسة ومدروسة، مما يسهم في الحفاظ على استقرار الشركة وتجنب النزاعات المحتملة بين أفراد العائلة. كما يتم تعزيز الشفافية في عملية التوريث أو التخارج من خلال وضع معايير واضحة لتنظيم هذه العمليات، بحيث تكون قائمة على أسس قانونية وإدارية تحقق التوازن بين حقوق الأفراد ومصلحة الشركة.
4. إجراءات حل النزاعات
نظرًا للطبيعة العائلية لهذه الشركات، قد تنشأ خلافات تتطلب آليات فعالة لحلها لضمان عدم تأثيرها على استقرار الأعمال. ولهذا، يتم اعتماد آليات تسوية ودية عبر مجلس العائلة، حيث يتم معالجة النزاعات من خلال الحوار والتفاوض الداخلي. وفي حال تفاقم الخلافات وعدم التوصل إلى حلول توافقية، يتم اللجوء إلى لجان التحكيم كخيار قانوني لحل النزاعات بشكل عادل وسريع دون الحاجة للجوء إلى القضاء، مما يحافظ على سمعة الشركة ويحد من النزاعات الممتدة.
5. سياسات الموارد البشرية
تعتمد الشركات العائلية على سياسات موارد بشرية متوازنة تضمن تحقيق العدالة والمساواة بين جميع العاملين، سواء من أفراد العائلة أو الموظفين الخارجيين. يتم تحديد قواعد واضحة لتعيين أفراد العائلة في الشركة، بحيث يتم اختيارهم بناءً على معايير الكفاءة والخبرة المهنية لضمان كفاءة الإدارة واستدامة النجاح. كما يتم التأكيد على عدم التمييز بين أفراد العائلة والموظفين الآخرين فيما يتعلق بالرواتب أو الترقيات، مما يعزز بيئة عمل احترافية تقوم على الجدارة والاستحقاق بدلاً من الروابط العائلية.
6. توزيع الأرباح
يُعد توزيع الأرباح من القضايا الحساسة في الشركات العائلية، لذا يتم وضع قواعد عادلة لتنظيم هذه العملية، بما يضمن تحقيق التوازن بين مصلحة الشركة وحقوق جميع المساهمين. تعتمد هذه القواعد على مبادئ واضحة تأخذ في الاعتبار الأداء المالي للشركة ومتطلبات التوسع والنمو، مما يضمن استدامة الأعمال وتحقيق عوائد منصفة لجميع أفراد العائلة المساهمين في الشركة.
7. أحكام ختامية
يتضمن الميثاق الإرشادي للشركات العائلية أحكامًا ختامية توضح كيفية تعديله وتحديثه بما يتماشى مع احتياجات الشركة وتطورها المستقبلي. يتم تحديد آليات واضحة لمراجعة الميثاق بشكل دوري، لضمان توافقه مع الأنظمة والتشريعات السعودية المتغيرة، إضافة إلى استيعاب أي متغيرات داخلية قد تطرأ على هيكل الشركة العائلية. يساعد هذا النهج المرن في ضمان استمرار فاعلية الميثاق كمستند تنظيمي يدعم استدامة الشركة على المدى الطويل.
ثالثًا: دور المحامين في صياغة الميثاق الإسترشادي للشركات العائلية
تلعب مكاتب المحاماة دورًا أساسيًا في إعداد وصياغة الميثاق الإسترشادي للشركات العائلية، حيث تساهم في تحويل المبادئ التنظيمية إلى وثيقة قانونية واضحة ومتوافقة مع الأنظمة السعودية. ومن خلال خبرتهم القانونية، يضمن المحامون أن يكون الميثاق وثيقة ملزمة تعزز استدامة الأعمال العائلية وتحقق التوازن بين مصالح العائلة والشركة. وفيما يلي أبرز الأدوار التي يؤديها المحامون في هذا المجال:
1. تحليل الاحتياجات العائلية والقانونية
قبل الشروع في صياغة الميثاق، يقوم المحامون بإجراء تحليل دقيق لطبيعة الشركة العائلية وهيكل ملكيتها ونظام إدارتها. ويشمل ذلك:
• فهم الهيكل العائلي: تحديد أفراد العائلة المؤثرين في قرارات الشركة ودور كل منهم.
• دراسة طبيعة النشاط التجاري: التأكد من أن الميثاق يتماشى مع طبيعة أعمال الشركة ومتطلباتها.
• التعرف على التحديات المحتملة: تحليل النزاعات السابقة أو المحتملة داخل العائلة أو الشركة لتضمين حلول وقائية في الميثاق.
2. صياغة الميثاق وفق الأنظمة السعودية
بعد تحليل الاحتياجات، يتولى المحامون صياغة الميثاق بما يحقق التوافق مع الأنظمة واللوائح السعودية، وخاصة نظام الشركات الجديد ولائحة حوكمة الشركات العائلية. وتشمل الصياغة القانونية:
• إعداد أحكام واضحة ومنظمة: تغطي جميع الجوانب الرئيسية مثل الحوكمة، وآلية اتخاذ القرارات، وسياسات التوظيف، وانتقال الملكية، وتوزيع الأرباح.
• تحديد حقوق والتزامات الأطراف: التأكد من أن جميع أفراد العائلة والمساهمين والإدارة لديهم التزامات واضحة تحمي مصالح الجميع.
• تضمين آليات لتسوية النزاعات: صياغة بنود تتيح حل النزاعات العائلية أو التجارية بطرق قانونية مثل التوفيق أو التحكيم، مما يحد من اللجوء إلى المحاكم.
• التكيف مع التغييرات القانونية: تضمين بنود تتيح تحديث الميثاق وفقًا لأي تطورات تشريعية جديدة.
3. المساهمة في حل النزاعات العائلية والتجارية
تُعتبر الخلافات العائلية من أبرز التحديات التي تواجه الشركات العائلية، وقد تؤدي إلى تعثر الأعمال أو حتى تصفيتها. لذلك، يلعب المحامون دورًا رئيسيًا في:
• إعداد سياسات وقائية: مثل وضع قيود على بيع الأسهم العائلية للأطراف الخارجية لحماية استقرار الشركة.
• وضع آليات رسمية لحل النزاعات: من خلال لجان توفيقية داخلية، أو اللجوء إلى التحكيم بدلاً من القضاء.
• تمثيل العائلة قانونيًا عند الضرورة: في حال حدوث نزاعات قانونية مع أطراف خارجية أو داخلية.
4. متابعة تنفيذ الميثاق وتعديله
بعد صياغة الميثاق واعتماده، يظل المحامون جزءًا أساسيًا من عملية التقييم والتطوير المستمر، حيث يقومون بـ:
• مراجعة دورية للميثاق: لضمان توافقه مع التطورات القانونية والاقتصادية.
• تعديل البنود عند الحاجة: وفقًا للتغيرات العائلية أو التنظيمية.
• الإشراف على التزام الشركة بالحوكمة: لضمان الامتثال للأنظمة وتعزيز الاستدامة.
الميثاق الإسترشادي للشركات العائلية السعودية ليس مجرد وثيقة، بل هو أداة لتحقيق النجاح والاستدامة. إن اعتماد هذا الميثاق وصياغته بشكل احترافي يضمن تعزيز التعاون بين أفراد العائلة واستمرارية الأعمال. ندعوك للتواصل معنا للحصول على استشارات قانونية متخصصة لضمان استدامة أعمالك وتحقيق التوازن بين مصالح العائلة والشركة.