مكتب حازم المدني محامون و مستشارون قانونيون
شركات الشخص الواحد
بقلم / عبد الحليم عمار
محامي ومستشار قانوني
عندما صدر نظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 28/1/1437هـ، وما تضمنه من أحكام جديدة، جاء استكمالاً لسياسات المملكة العربية السعودية التي تهدف إلى تسهيل الأنظمة التجارية والإجراءات المتبعة، وإزالة كافة المعوقات التشريعية والتنظيمية، لمواكبة التطورات التجارية والصناعية ، على النحو الذي يساهم في تحسين المناخ الاستثماري للمملكة وتنويع الأنشطة الاقتصادية في كافة المجالات والقطاعات، بهدف تحقيق التنمية.
ومن بين التنظيمات التي نص عليها نظام الشركات الجديد لتحسين المناخ الاستثماري بالمملكة هو السماح بإنشاء وتكوين شركة الشخص الواحد، حيث يمكن تأسيس الشركة ذات المسئولية المحدودة وشركة المساهمة من شخص واحد تؤول إليه جميع حصصها، وتكون مسؤوليته عن ديون الشركة في حدود رأس مالها، ويكون لهذا الشخص صلاحيات وسلطات المدير ومجلس مديري الشركة والجمعية العامة للشركاء.
وتعرف شركة الشخص الواحد بأنها: «الشركة التي تتألف من شخص واحد، طبيعيًا كان أم معنويًا، ويكون لهذه الشركة ذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية للشريك
وعليه فإن شركة الشخص الواحد قد تؤسس ابتداء من شريك واحد، كما يمكن أن تؤول إلى شركة من شريك واحد جراء بقاء شريك واحد فيها. وتقوم شركة الشخص الواحد على الاعتبار الشخصي، ويتم تأسيس شركة الشخص الواحد عن طريق التأسيس المباشروالثانية: عن طريق التأسيس غير المباشر.
والطريقة الأولى (التأسيس المباشر) فيها يقوم أحد الأشخاص بإرادته المنفردة بالاتجاه نحو تأسيس شركة من شخص واحد؛ بهدف ممارسة نشاط تجاري. وفي هذه الحالة يتم إنشاء وتكوين شخص معنوي جديد، وبالتالي تخضع شركة الشخص الواحد هنا إلى الأحكام العامة للإرادة المنفردة.
والطريقة الثانية (التأسيس غير المباشر)، وفيها تتكون شركة الشخص الواحد عن طريق اجتماع جميع حصص الشركة ذات المسؤولية المحدودة في يد شريك واحد لأي سبب من الأسباب، التي يترتب على إثرها أن تؤول جميع حصص الشركة إلى شريك واحد فقط، وتبعاً لذلك تتحول الشركة إلى شركة الشخص الواحد، ما لم تحل وتصفى هذه الشركة.
وقد وضع نظام الشركات الجديد خطوات واجراءات تأسيس شركة الشخص الواحد باتباع عدة طرق، حيث نصت المادة (154/1) من نظام الشركات الجديد على أنه: (يجوز أن تؤسس الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص واحد، أو أن تؤول جميع حصصها إلى شخص واحد)
كما نصت المادة (149) من نظام الشركات الجديد على أنه: (إذا آلت جميع أسهم شركة المساهمة إلى مساهم واحد لا تتوافر فيه الشروط الواردة في المادة (55) من النظام تبقى الشركة وحدها مسؤولة عن ديونها والتزاماتها، ومع ذلك يجب على المساهم توفيق أوضاع الشركة مع الأحكام الواردة في هذا الباب، أو تحويلها إلى شركة ذات مسؤولية محدودة من شخص واحد خلال مدة لا تتجاوز سنة، وإلا انقضت الشركة بقوة النظام.
وفي هذا الشأن أود أن أشير فيما إلى أن نظام الشركات الجديد قد حظر تأسيس أكثر من شركة شخص واحد، حيث نصت المادة (154/2) من نظام الشركات الجديد على أنه (في جميع الأحوال، لا يجوز للشخص الطبيعي أن يؤسس أو يمتلك أكثر من شركة ذات مسؤولية محدودة من شخص واحد، ولا يجوز للشركة ذات المسؤولية المحدودة المملوكة من شخص واحد (ذي صفة طبيعية أو اعتبارية) أن تؤسس أو تمتلك شركة أخرى ذات مسؤولية محدودة من شخص واحد.
وتتمتع شركة الشخص الواحد كغيرها من الشركات الأخرى بالشخصية الاعتبارية، حيث تُعتبر الشركة من وقت تأسيسها شخصًا اعتباريًا بعد استيفاء إجراءات الشهر المقررة نظاماً، ويترتب على اكتساب شركة الشخص الواحد الشخصية الاعتبارية أن يكون لها عنوان يميِّزها عن غيرها من الشركات الأخرى وتوقِّعُ به على تعهداتها التي تتمُّ لحسابها.
كما يترتب أيضاً على اكتساب شركة الشخص الواحد الشخصية الاعتبارية، أن يكون لها ذمة مالية مستقلة. إلا أن الذمَّة المالية لشركة الشخص الواحد لا تتشابه في شكلها مع الذمم المالية للشركات الأخرى، ويرجع السبب في ذلك إلى أن رأس مال هذه الشركة هو مجرد حصة واحدة يتم تقديمها من قبل الشريك الوحيد في هذه الشركة. ومن ثم فإن الذمة المالية لشركة الشخص الواحد تتكون من رأس مال الشركة ومن موجوداتها. ولذلك، فإن مسؤولية الشريك تتحدد بمقدار ما يقدِّمه من حصة في رأس مال الشركة، وهذا يعني أنَّ مسؤولية الشريك في شركة الشخص الواحد هي مسؤولية محدودة للشريك في حدود ومقدار حصته في رأس مال الشركة، بعيداً عن أمواله الشخصية التي لا تمتدُّ إليها المسؤوليةُ.
إلا أنه ورد استثناء على ذلك حيث نصت المادة (154/1) من نظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 28/1/1437هـ على أنَّه: «استثناءً من أحكام المادة الثانية من النظام، يجوز أن تؤسس الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص واحد، أو أن تؤول جميع حصصها إلى شخص واحد. وفي هذه الحالة تقتصر مسؤولية هذا الشخص على ما خصصه من مال ليكون رأس مال للشركة، ويكون لهذا الشخص صلاحيات وسلطات المدير ومجلس مديري الشركة والجمعية العامة للشركاء المنصوص عليها في هذا الباب.
واستثناءً من ذلك أيضا فقد أجاز المشرع السعودي أن تمتد المسؤولية إلى الأموال الشخصية للشريك في حالات معينة تضمنتها المادة (155) من نظام الشركات الجديد، والتى نصت على أنَّه: «يكون الشخص المالك للشركة ذات المسؤوليَّة المحدودة مسؤولاً في أمواله الخاصة عن التزامات الشركة في مواجهة الغير الذي تعامل معه باسم الشركة، وذلك في الأحوال الآتية: 1- إذا قام – بسوء نية – بتصفية شركته، أو وقف نشاطها قبل انتهاء مدَّتها أو قبل تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله. 2- إذا لم يفصل بين أعمال الشركة وأعماله الخاصَّة الأخرى. 3- إذا زاول أعمالاً لحساب الشركة قبل اكتسابها الشخصيَّة الاعتبارية.
وتنقضي شركة الشخص الواحد بالأسباب العامة المقررة لانقضاء الشركات، كانتهاء مدة الشركة أو هلاك أموالها أو إفلاسها أو انتهاء الغرض الذي أُنشئت هذه الشركة من أجله، كما أن وفاة مالك الشركة تعد سببا من أسباب انقضاء شركة الشخص الواحد ما لم يتفق الورثة على خلاف ذلك، فإن تعدد الورثة واتفقوا فيما بينهم على استمرار الشركة، ففي هذه الحالة تتحول الشركة إلى نوع آخر من الشركات؛ أما إذا كان الوارث فرداً واحداً وأبقى على هذه الشركة ففي هذه الحالة تستمر الشركة في ممارسة نشاطها وأعمالها.