مكتب المدني و مشاركوه محامون و مستشارون قانونيون

من التأخير إلى الانتصار: قصة نجاح قانونية في عالم القانون البحري

في عالم التجارة الدولية، تعتبر النزاعات القانونية جزءاً لا يتجزأ من العملية التجارية. ومع ذلك، إدارة هذه النزاعات باحترافية يمكن أن يكون الفرق بين الخسارة والفوز. هذه هي قصة نجاح إحدى الشركات المتخصص في تجارة الحبوب، وكيف نجح فريق محامينا في تحويل تحدٍ صعب إلى انتصار قانوني هام بعد معركة قضائية شاقة أمام محكمة بداية حقوق عمان.

البداية: التعاقد مع جهة حكومية

في أواخر عام 2014، وقعت شركة (أ) لتجارة الحبوب اتفاقًا مع إحدى الجهات الحكومية الأردنية لتزويد المملكة بشحنة ضخمة من القمح بلغت 100,000 طن. كانت الشحنة مُنتظرة من مصادر متعددة تشمل روسيا، أوكرانيا، فرنسا، وألمانيا، على أن تكون البضاعة صالحة للاستهلاك البشري وتفي بالمواصفات والمعايير الأردنية والمتفق عليها في العقد.
عند وصول الشحنة إلى ميناء العقبة، بدأت التحديات فوراً. وصلت الباخرة محملة بالقمح إلى ميناء العقبة في الموعد المتوقع، وبعد ثلاثة أيام من وصول البضاعة تم سحب العينات للفحص الأولي في مكتب الغذاء والدواء. بالرغم من أن التقرير الأولي أظهر صلاحية البضاعة، إلا أن الجهة الحكومية شككت في نتائج الفحص وطلبت إعادة الفحص في الجمعية العلمية الملكية ومختبرات الغذاء والدواء، الأمر الذي تسبب في تأخير تفريغ الحمولة، حيث إن مجرد أخذ العينة للمرة الثانية تسبب في عدم تفريغ الحمولة لما يذيد عن 14 يوم بعد أن تبين أن طريقة الفحص كانت خاطئة في البداية. غير ان إعادة الفحص قد أكدت مرة أخرى على أن العينة سليمة ومطابقة للمواصفات الفنية الأردنية.
ورغمًا من وفاء (أ) بكافة الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاقية ونجاح الفحوصات ومطابقتها للمواصفات الفنية الأردنية، إلا أن الجهة الحكومية قامت بتحميل (أ) بدل تأخير عن تفريغ الباخرة موضوع الاتفاقية.
والجدير بالذكر أن (أ) قد أرسلت كتابًا للجهة الحكومية توضح فيه الخطأ في طريقة الفحص المعتمدة، وقامت بمخاطبة مدير عام المؤسسة العامة للغذاء والدواء لتوضيح الطريقة المعتمدة للفحص، كان ذلك قبل أن تصر الجهة الحكومية على خضوع حمولة القمح للفحص مرة أخرى في مختبرات الجمعية العلمية الملكية وهيئة الغذاء والدواء الأمر الذي تسبب في حدوث التأخير.
هذا التأخير غير المبرر قد تسبب في تكاليف إضافية على الشركة (أ)، بما في ذلك رسوم التخزين وغرامات التأخير، الأمر الذي دفع الشركة إلى اللجوء إلى القضاء والمطالبة بالتعويضات عن التكاليف الإضافية والفوائد القانونية.

التصعيد القانوني: نزاع التأخير والتعويضات

لم يكن التأخير مجرد مشكلة لوجستية، بل تحولت إلى نزاع قانوني. عندما تلقينا طلبًا من إدارة الشركة (أ) وممثليها القانونيين برغبتهم في الاجتماع مع المستشارين القانونيين لدى شركتنا لطلب الاستشارة القانونية في الخطوات الواجب إتباعها للمطالبة بالتعويض من الجهة الحكومية. وبالفعل، وبعد اجتماع طويل، تناقشنا فيه بتفاصيل القضية، وناقشنا حجم الخسائر، وحصلنا على عقد التوريد والمستندات الأخرى.
في البداية، اتفقنا مع الشركة على أن نسلك طريق التحكيم التجاري في فض النزاع بدلًا من اللجوء إلى القضاء. وبالفعل وجهنا إنذارًا إلى الجهة الحكومية نطالبها فيه بتعيين محكم في حال وافقت على التحكيم كوسيلة لفض النزاع. وأخطرناهم بأنه في حالة رفضهم لتعيين المحكم، فإننا سوف نلجأ إلى القضاء. وهذا ما حدث بالفعل، حيث رفض الجهة تعيين المحكم ومن ثم تقدمنا بإقامة دعوى أمام محكمة البداية حقوق عمان.
وبالفعل، طالبنا أمام المحكمة بمبلغ 335,958.33 دولارًا أمريكيًا أو ما يعادله بالدينار الأردني، شاملًا الرسوم والمصاريف والأتعاب والفائدة القانونية، مستندين في ذلك إلى الأدلة والشهادات الرسمية الصادرة عن الجهات الحكومية، بما في ذلك جهات الفحص. لدعم مطالبتنا بالمبلغ المذكور، قدمنا الأدلة والشهادات الخطية كجزء من البينات القانونية المقدمة أمام المحكمة. من ناحية أخرى، طلبنا من المحكمة دعوة الشهود لتقديم البينة، إلا أن المحكمة رفضت ذلك، معتبرة الأدلة الخطية المقدمة كافية. ولهذا السبب أيضًا، رفضت المحكمة طلباتنا لإجراء الخبرة الفنية التي تقدمنا بها للحصول على تقييم دقيق للقضية.

حكمة محكمة البداية وطلب الاستئناف

بالرغم من الجهود المبذولة والأدلة المكتوبة المقدمة، قررت محكمة البداية في عمان رفض الدعوى. كان حكم محكمة البداية مفاجئًا، إلا أن فريقنا القانوني لم يستسلم. قمنا بالطعن أمام محكمة الاستئناف الأردنية مطالبين بإعادة النظر في القضية. في استئنافنا، أبرزنا خطأ المحكمة في عدم سماع البينات الشخصية، واعترضنا على عدم إجراء الخبرة الفنية المطلوبة. وأكدنا أن الأدلة المكتوبة المقدمة ليست كافية، وأنه كان يجب تقديم بينات إضافية وشهادات شخصية لإثبات حقوق (أ). في مذكرة الاستئناف، أوضحنا خطأ المحكمة في تقييم الأدلة والشهادات المقدمة، مما أثر سلبًا على قرار الحكم النهائي.

القرار النهائي: انتصار العدالة

بعد جلسات طويلة ومداولات دقيقة، أصدرت محكمة الاستئناف قرارها لصالح شركة “أ”، حيث ألغت الحكم السابق وأمرت بتعويض الشركة عن الأضرار الناجمة عن التأخير بمبلغ 251,167 دولار أمريكي أو ما يعادله بالدينار الأردني. بالإضافة إلى ذلك، غرمت المحكمة الجهة الحكومية الرسوم والمصاريف والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد. أكدت المحكمة أن التأخير كان نتيجة لأخطاء في إجراءات الفحص، وليس بسبب تقصير من جانب شركة “أ”. كان هذا القرار انتصاراً كبيراً للشركة، وأثبت أن العدالة يمكن تحقيقها حتى في أكثر القضايا تعقيداً.

النتائج: تأثير الإنتصار

لم يكن نجاح شركة “أ” في هذه القضية مجرد انتصار قانوني، بل كان له تأثير كبير على أعمال الشركة وسمعتها. بفضل الجهود الحثيثة لفريق المحاماة، تمكنت الشركة من استعادة حقوقها وتعويض التكاليف التي تكبدتها. عزز هذا الانتصار من ثقة العملاء والشركاء في الشركة، وأثبتت أنها قادرة على مواجهة التحديات والوقوف بثبات في وجه الأزمات.
تبرز هذه القضية أهمية التحضير الجيد والدفاع المستميت عن الحقوق في مواجهة النزاعات القانونية. كما أظهرت القصة دور المحامين المحترفين في تحقيق العدالة والنجاح للشركات التي يمثلونها.

خاتمة

قصص النجاح مثل قصة شركة “أ” تذكرنا بأن النجاح الحقيقي يتطلب مواجهة التحديات بثقة وإصرار، والاستفادة من الخبرات المتاحة لتحقيق العدالة والحفاظ على الحقوق. كان فريقنا القانوني الذي مثّل شركة “أ” هو الشريك القانوني الأمين، الذي ساعد الشركة على الإبحار بثبات في مياه النزاعات القانونية والوصول إلى بر الأمان.
Stay In Touch

Be the first to know about new arrivals and promotions

New Collection

Eu iusto dolorum pro, facer oportere duo ne. Cum ei commune instructior. 

info@almadanilaw.com

Send us a Message

Fill out the form below, and we will be in touch shortly.