مكتب حازم المدني محامون و مستشارون قانونيون

الأحكام الخاصة بالتسجيل الدولي للنماذج الصناعية: الباب الثاني عشر من اللائحة التنفيذية لنظام براءات الاختراع السعودي

في خطوات ثابتة تعكس التزام المملكة العربية السعودية بتطوير نظام الملكية الفكرية وتعزيزه بما يتماشى مع المعايير الدولية. وبعد قرار مجلس الوزراء بالموافقة على الانضمام إلى اتفاقية لاهاي وبعد استضافة المملكة لمؤتمر معاهدة قانون التصاميم. تواصل المملكة متابع العمل على تطوير البيئة التشريعية لتواكب تلك التطورات وتعزز التوجه نحو دعم الابتكار.

جاء الباب الثاني عشر من اللائحة التنفيذية لنظام براءات الاختراع. لينظم الأحكام الخاصة بالتسجيل الدولي للنماذج الصناعية، ويضم مواد مستحدثة تهدف إلى تنظيم هذا الجانب وفقاً لاتفاق لاهاي ولائحتها التنفيذية. نستعرض في هذا المقال أهم مواد الباب الثاني عشر وأبرز ما جاء فيها.

أولاً: أهمية الباب الثاني عشر

يأتي إدراج هذا الباب في سياق انضمام المملكة إلى وثيقة جنيف لاتفاق لاهاي بشأن التسجيل الدولي للرسوم والنماذج الصناعية بشأن التسجيل الدولي للنماذج الصناعية، والتي تتيح للمصممين تقديم طلب واحد للحصول على الحماية في عدة دول.
وتهدف احكام هذا الباب إلى تحقيق:
• توحيد الإجراءات المتعلقة بتسجيل النماذج الصناعية.
• تسهيل الإجراءات للمستثمرين والمصممين داخل المملكة وخارجها.
• تعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي ودولي في مجال الملكية الفكرية.

ثانيًا: أبرز الأحكام القانونية الواردة بالباب الثاني عشر

افرد المشرع في الباب الثاني عشر مجموعة من الأحكام التي تنظم عملية التسجيل الدولي للنماذج الصناعية، نستعرضها على النحو الثالي:

المادة 66: الهيئة والتسجيلات الدولية

تمثل هذه المادة جزءًا مهمًا من النظام الخاص بتسجيل النماذج الصناعية على المستوى الدولي، حيث تحدد دور الهيئة في تسهيل وتسريع عمليات الإيداع والتسجيل للمواطنين والمؤسسات داخل المملكة. تتيح المادة للمواطنين الطبيعيين والاعتباريين والمؤسسات الصناعية والتجارية الفعّالة الاستفادة من خدمات الهيئة لتقديم طلباتهم الدولية بما يتوافق مع الأنظمة المعتمدة.

كما تنص المادة على التزامات الهيئة بناءً على أحكام اتفاق لاهاي، حيث تقوم بدورين رئيسيين: الأول يتمثل في استقبال طلبات التسجيل الدولي للنماذج الصناعية المقدمة من داخل المملكة وتحويلها إلى المكتب الدولي. والثاني في استقبال الإخطارات المتعلقة بالتسجيلات الدولية الواردة من المكتب الدولي الناتجة عن تعيين المملكة كدولة حماية. ويُشدد النص على أن تكون جميع التبليغات بين الهيئة والمكتب الدولي باللغة الإنجليزية، لضمان الدقة والامتثال للمعايير الدولية.

المادة 67: تقديم طلب التسجيل الدولي

توضح المادة السابعة والستون الإجراءات والشروط اللازمة لتقديم طلب التسجيل الدولي للنماذج الصناعية عبر الهيئة، حيث يتم ذلك وفق إطار منظم ومحدد. تقتضي المادة أن يكون الطلب مكتملًا ومقدماً من مقدم الطلب أو وكيله، مع الالتزام باستخدام النماذج المعدّة من الهيئة والنماذج الرسمية لاتفاقية لاهاي باللغة الإنجليزية.
وتشير المادة إلى أن الهيئة تعتبر الطلب مستلماً بعد استيفاء مقدم الطلب للمتطلبات التالية: تعبئة النماذج المطلوبة بشكل صحيح، وسداد الرسوم المقررة وفق النظام واتفاقية لاهاي. كما تُخطر الهيئة مقدم الطلب بتاريخ استلامها الطلب، مما يعزز الشفافية في الإجراءات.

وتُلزم المادة الهيئة بإحالة الطلب المكتمل إلى المكتب الدولي خلال مدة لا تتجاوز شهرًا من تاريخ الاستلام. ويتضمن الإرسال تفاصيل تاريخ الاستلام لدى الهيئة، حيث يُعتبر هذا التاريخ بمثابة تاريخ الإيداع لدى المكتب الدولي، مما يضمن تحديد إطار زمني واضح يُسهم في تسهيل وتسريع عملية التسجيل الدولي.

المادة 68: تعبئة استمارة طلب التسجيل الدولي

تتناول المادة الثامنة والستون الشروط والمتطلبات التفصيلية لتقديم طلب التسجيل الدولي للنماذج الصناعية وفقًا لاتفاقية لاهاي، حيث تحدد العناصر الواجب إدراجها لضمان قبول الطلب ومعالجته بشكل صحيح. وتشمل هذه المتطلبات:

1. تحديد الدول المطلوبة للحماية: يجب على مقدم الطلب تحديد الدول الأطراف في اتفاقية لاهاي التي يطلب حماية النموذج الصناعي فيها.
2. بيانات مقدم الطلب: يشمل ذلك الاسم، الجنسية، العنوان، وعنوان البريد الإلكتروني، وفقًا للنصوص الواردة في الاتفاقية ولوائحها.
3. صور ورسومات النموذج الصناعي: يجب تقديم نسخة من الصور أو الرسومات الخاصة بالنموذج المطلوب تسجيله، وفقًا للمعايير المحددة في الاتفاقية.
4. إشارة إلى المنتجات: ينبغي توضيح المنتجات التي يشكل النموذج الصناعي جزءًا منها.
5. عدد التصاميم الصناعية: تحديد عدد التصاميم المشمولة في الطلب الدولي.
6. سداد الرسوم: يجب دفع الرسوم المقررة في اتفاقية لاهاي.
7. إقرار السبقية: في حالة وجود طلب سابق أودع في المملكة أو أي دولة أخرى طرف في اتفاقية باريس، يجب الإشارة إليه.
8. متطلبات أخرى: أي متطلبات إضافية منصوص عليها في اتفاقية لاهاي.
كما تُرفق البيانات المتعلقة بمقدم الطلب ووكيله باللغة العربية لاستخدامات الهيئة، مما يضمن الامتثال للإجراءات المحلية بجانب الالتزام بالمعايير الدولية.

المواد من 69 إلى 75: دور الهيئة في عملية التسجيل الدولي

تلعب الهيئة دورًا محوريًا في تنظيم وإدارة التسجيلات الدولية للنماذج الصناعية داخل المملكة، حيث تتولى استلام هذه التسجيلات من المكتب الدولي عند تعيين المملكة كدولة حماية، ومعاملتها كطلبات محلية. تقوم الهيئة بالتحقق من استيفاء الطلبات للمتطلبات القانونية الأساسية، ونشرها لإتاحة الفرصة للاعتراض خلال مدة ثلاثة أشهر. كما تدرس الهيئة الاعتراضات وتصدر قراراتها بالقبول أو الرفض، مع إصدار شهادات تسجيل تمنح ذات الأثر القانوني المحلي عند استيفاء الطلب للشروط. في حال رفض الطلب، يتم إخطار المكتب الدولي بأسباب الرفض خلال 12 شهرًا، مع إتاحة الفرصة لمقدم الطلب للاعتراض على القرار خلال 60 يومًا. يُمكن سحب قرار الرفض، وفي هذه الحالة تبدأ الحماية من تاريخ السحب.
توفر الهيئة أيضًا إمكانية الاستفادة من الأولوية القانونية للطلبات الدولية، وتتولى استلام الرسوم المستحقة وإدارتها. كما تتيح الهيئة إمكانية إبطال التسجيلات الدولية بناءً على طلب ذوي المصلحة وفق الأحكام القانونية. وتحرص الهيئة على تنظيم البيانات المتعلقة بالتسجيلات الدولية عبر إنشاء سجل خاص، مع الاعتراف بالنشر الدولي كنافذ داخل المملكة، فضلاً عن نشر المعلومات المتعلقة بالتسجيلات والشعارات المرتبطة بها لضمان الشفافية والتنظيم.

ثالثًا: التوافق مع الأنظمة الدولية

تُعد هذه المواد المستحدثة خطوة نحو تحقيق التكامل بين نظام الملكية الفكرية في المملكة والنظم الدولية. ومن خلال اعتماد اتفاق لاهاي، يُتاح للمصممين:
• تقديم طلب واحد للحصول على حماية متعددة الأطراف.
• تقليل التكاليف والجهود المرتبطة بإجراءات التسجيل.
• الاستفادة من التغطية القانونية في عدة دول من خلال نظام مركزي.

رابعًا: تأثير الباب الثاني عشر على القطاع الصناعي والإبداعي

تُسهم الأحكام الخاصة بالتسجيل الدولي للنماذج الصناعية في:
• تحفيز الابتكار: من خلال تقديم حماية قانونية فعالة وسريعة.
• جذب الاستثمارات الأجنبية: عبر توفير بيئة قانونية مواتية تدعم المصممين والمستثمرين.
• تعزيز تنافسية المملكة: كمركز إقليمي ودولي يدعم المصممين ويوفر لهم الحماية اللازمة.

الخاتمة

يمثل الباب الثاني عشر من اللائحة التنفيذية لنظام براءات الاختراع نقلة نوعية في تعزيز الإطار القانوني لحماية النماذج الصناعية في المملكة. ومن المتوقع أن يُسهم في دعم الإبداع والابتكار، إضافة إلى تعزيز مكانة المملكة كمركز دولي للملكية الفكرية. يعكس هذا التحديث التزام المملكة برؤية 2030 وسعيها الدؤوب لتطوير بنيتها القانونية بما يواكب المعايير العالمية.