أفضل شركة تحصيل ديون في السعودية : المدني ومشاركوه

التحكيم والوساطة والمحاكم الاستثمارية: أدواتك القانونية للاستثمار الآمن في السعودية

في ظل رؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي تُشكّل خارطة طريق نحو تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، تشهد البيئة الاستثمارية في المملكة تحولات جذرية تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية. ومن أبرز محاور هذه الرؤية تعزيز البيئة القانونية والتنظيمية، بما يضمن حماية الحقوق وتوفير وسائل فعالة وعادلة لفض المنازعات. وتعد آليات تسوية منازعات الاستثمار من أهم ركائز استقرار البيئة الاستثمارية، وهو ما انعكس بوضوح في الأنظمة الجديدة، وعلى رأسها نظام الاستثمار الجديد لعام 1444هـ، والمبادرات الداعمة مثل تطوير التحكيم والوساطة وإنشاء محاكم متخصصة.

أولًا: الوسائل البديلة لفض منازعات الاستثمار في ضوء نظام الاستثمار الجديد

صدر نظام الاستثمار الجديد بموجب المرسوم الملكي رقم (م/31) بتاريخ 25/4/1444هـ، وجاء متوافقًا مع أفضل الممارسات الدولية، مؤكدًا على أهمية تبني وسائل بديلة لحل النزاعات الاستثمارية، تعزز من كفاءة وعدالة ومرونة النظام القضائي. إذ تنص المادة العاشرة من نظام الإستثمار الجديد على “دون إخلال بما تقضي به الأنظمة ذات العلاقة:

  1. للمستثمر الذي يكون طرفًا في أي نزاع – بما في ذلك المنازعات التي تنشأ مع الجهة المختصة – اللجوء إلى المحكمة المختصة، ما لم يتفق أطراف النزاع على غير ذلك.
  2. للمستثمرين الاتفاق على في شأن تسوية منازعاتهم من خلال الوسائل البديلة لتسوية المنازعات بما في ذلك التحكيم والوساطة والمصالحة.”

 وفي ضوء المادة السالفة، يمكننا تحديد أبرز الوسائل على التفصيل التالي:

1.التحكيم (Arbitration)

يُعد التحكيم أبرز وسائل التسوية البديلة المعتمدة دوليًا ومحليًا. وقد أتاح النظام للمستثمرين الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم، سواء في العقود مع الجهات الحكومية أو بين أطراف خاصة، بشرط النص عليه صراحة أو الاتفاق لاحقًا. ويأتي هذا متسقًا مع نظام التحكيم السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/34 لعام 1433هـ، الذي يتماشى مع مبادئ اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية لعام 1958.

2.الوساطة والتوفيق   (Mediation & Conciliation)

نص النظام على إمكانية اللجوء إلى الوساطة، باعتبارها وسيلة مرنة وغير تقابلية تُتيح للأطراف حل النزاعات بطريقة توافقية. وتُعد الوساطة من الأدوات الفعالة لخفض التكاليف الزمنية والمادية، وتقليل الأثر السلبي للنزاعات على العلاقات الاستثمارية.

3.تشجيع الحلول الودية

تبنّى النظام توجهًا استباقيًا يُشجع على الحلول التفاوضية، عبر جهات محايدة أو من خلال التفاوض المباشر بين المستثمرين والجهات الحكومية. ويدخل ذلك ضمن مبادئ العدالة التشاركية التي تُقلّل من اللجوء المبكر إلى القضاء.

  • متابعة المستجدات النظامية:

ألزمت الوزارة المنشآت بضرورة المتابعة المستمرة لأية تحديثات أو تعديلات لاحقة قد تصدر على الأنظمة أو الضوابط ذات العلاقة. يتطلب ذلك وجود مسؤول قانوني أو إداري يتابع التعاميم الرسمية بشكل دوري لضمان استمرار المنشأة في وضع قانوني سليم ومتوافق مع الأنظمة، خاصة في ظل ديناميكية التحديثات التي قد تؤثر على الامتثال.

ثانيًا: المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA) ودوره المحوري

نشأة المركز ووضعه القانوني

أُنشئ المركز السعودي للتحكيم التجاري بقرار مجلس الوزراء رقم (257) وتاريخ 14/6/1435هـ، ويعمل ككيان مستقل غير ربحي، يُشرف عليه اتحاد الغرف السعودية. ويمارس المركز مهامه وفقًا لأفضل المعايير الدولية، مع اعتماد قواعد تحكيم ووساطة محدثة مستندة إلى نماذج مؤسسات تحكيم عالمية مثل ICC وLCIA.

مهام المركز الرئيسية

  • إدارة قضايا التحكيم التجاري والاستثماري، سواء محلية أو دولية.
  • توفير قائمة محكّمين وخبراء معتمدين من خلفيات قانونية وتجارية متعددة.
  • إصدار أحكام تحكيم قابلة للتنفيذ في السعودية وخارجها بموجب اتفاقية نيويورك.
  • تقديم خدمات الوساطة المؤسسية وفق إجراءات احترافية تضمن السرية والحياد.

أثر المركز على البيئة الاستثمارية

ساهم المركز في رفع كفاءة تسوية المنازعات، حيث قلّص مدد الفصل في القضايا مقارنة بالقضاء، ووفّر بيئة محايدة تحظى بقبول المستثمرين الأجانب. وقد شهد إقبالًا متزايدًا من الشركات الكبرى والمستثمرين الدوليين نتيجة لموثوقيته وحياديته.

ثالثًا: التوجه إلى إنشاء محاكم استثمارية متخصصة

في خطوة تعكس اهتمام المملكة المستمر بتحسين البيئة التشريعية والتنظيمية للاستثمار، كشفت وزارة الاستثمار عن التوجه لإنشاء محاكم استثمارية متخصصة، وذلك ضمن جهودها الهادفة إلى تعزيز الثقة في المنظومة القضائية الوطنية وتوفير وسائل فعالة لفض منازعات الاستثمار.

ويأتي هذا التوجه في سياق دعم مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تؤكد على أهمية بناء بيئة قانونية قادرة على مواكبة تطلعات المستثمرين المحليين والدوليين، وتوفير قضاء نوعي يعزز من سرعة الفصل في القضايا الاستثمارية وجودة الأحكام.

بحسب ما ورد في الاستبيان الذي طرحته الوزارة مؤخرًا، فإن إنشاء هذه المحاكم يهدف إلى:

  • تحقيق التخصص القضائي في منازعات الاستثمار، عبر قضاة على دراية كاملة بطبيعة العلاقات التعاقدية الاستثمارية.
  • تقليص مدد التقاضي وضمان سرعة البتّ في القضايا، مما يسهم في تحسين تجربة المستثمر.
  • تقوية حماية الحقوق ضمن بيئة قانونية أكثر شفافية وفاعلية.
  • الحد من الاعتماد على التحكيم الدولي في القضايا الكبرى، عبر توفير بديل وطني موثوق.
  • رفع تنافسية المملكة كمركز جاذب للاستثمار في المنطقة.

هذا التحول يشير إلى نضوج في التفكير القانوني والاستثماري، ويعزز من مكانة المملكة كبيئة آمنة وفعالة لتسوية النزاعات وفق أطر قانونية واضحة.

التحديات المنتظرة

رغم الفوائد المتوقعة، يظل من الضروري:

  • إعداد كوادر قضائية متخصصة في القانون الدولي والاستثمار.
  • تبني آليات تكميلية مثل الخبرة الاقتصادية.
  • تطوير البنية التحتية القضائية الرقمية لدعم فاعلية الإجراءات.

خاتمة

تُشكّل وسائل فض منازعات الاستثمار حجر الزاوية في بناء بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة. وقد خطت المملكة خطوات نوعية في هذا المجال، من خلال تحديث الإطار النظامي، وتمكين الوسائل البديلة كالتحكيم والوساطة، وتطوير مؤسسات فاعلة كالمركز السعودي للتحكيم التجاري، والتوجه لإنشاء محاكم متخصصة. هذه الجهود تُجسّد التزام المملكة بتحقيق العدالة الناجزة، وضمان حقوق المستثمرين، وتعزيز موقعها كمركز إقليمي ودولي للاستثمار المستدام.

Stay In Touch

Be the first to know about new arrivals and promotions

New Collection

Eu iusto dolorum pro, facer oportere duo ne. Cum ei commune instructior. 

info@almadanilaw.com

Send us a Message

Fill out the form below, and we will be in touch shortly.